Saturday, October 21, 2006
اعلم أن الانس اذا دام وغلب واستحكم ولم يشوشه قلق الشوق , ولم ينغصه خوف التغير والحجاب فانه يثمر نوعا من الانبساط فى الاقوال والأفعال والمناجاة مع الله تعالى , وقد يكون منكر الصورة لما فيه من الجرأة وقلة الهيبة ولكنه محتمل ممن أقيم فى مقام الانس , ومن لم يقم فى ذلك المقام ويتشبه بهم فى الفعل والكلام هلك به وأشرف على الكفر
خرج كليم الله موسى " عليه السلام " ليستسقى لبنى اسرائيل فى سبعين ألفا , فأوحى الله " عز وجل " اليه : كيف استجيب لهم وقد أظلمت عليهم ذنوبهم , سرائرهم خبيثة يدعوننى على غير يقين ويأمنون مكرى , ارجع الى عبد من عبادى يقال له برخ فقل له يخرج حتى أستجيب له , فسأل عنه موسى " عليه السلام " فلم يعرف , فبينما موسى ذات يوم يمشى فى طريق اذا بعبد اسود قد استقبله بين عينيه تراب من أثر السجود , فى شملة قد قد عقدها على عنقه , فعرفه موسى " عليه السلام " بنور الله " عز وجل " فسلم عليه وقال له : ما اسمك ؟
فقال : اسمى برخ
قال : فأنت طلبتنا منذ حين اخرج فاستسق لنا
فخرج فقال فى كلامه: ما هذا من فعالك ولا هذا من حلمك , وما الذى بدا لك أنقصت عليك عيونك أم عاندت الرياح عن طاعتك أم نفد ما عندك أم اشتد غضبك على المذنبين ؟ ألست كنت غفارا قبل خلق الخطائين ؟ خلقت الرحمة وأمرت بالعطف , أم ترينا أنك ممتنع أم تخشى الفوت فتعجل بالعقوبة , قال فما برح حتى اخضلت بنو اسرائيل بالقطر وأنبت الله تعالى العشب فى نصف يوم حتى بلغ الركب , قال : فرجع برخ فاستقبله موسى " عليه السلام " فقال : كيف رأيت حين خاصمت ربى كيف أنصفنى ؟ فهم موسى " عليه السلام " به , فأوحى الله تعالى اليه : ان برخا يضحكنى كل يوم ثلاث مرات
وعن الحسن قال : احترقت أخصاص بالبصرة فبقى فى وسطها خص لم يحترق , وأبو موسى يومئذ أمير البصرة , فأخبر بذلك , فبعث الى صاحب الخص , قال : فأتى بشيخ فقال : يا شيخ ما بال خصك لم يحترق ؟
قال : انى أقسمت على ربى " عز وجل " أن لا يحرقه
فقال أبو موسى " رضى الله عنه " : انى سمعت رسول الله " صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم " يقول (( يكون فى أمتى قوم شعثه رؤوسهم , دنسة ثيابهم لو اقسموا على الله لأبرهم ))
ووقع حريق بالبصرة فجاء أبو عبيدة الخواص فجعل يتخطى النار , فقال له أمير البصرة : أنظر لا تحترق بالنار
فقال : انى أقسمت على برى " عز وجل " أن لا يحرقنى بالنار
قال : فاعزم على النار أن تطفأ
قال : فعزم عليها فطفئت
وكان أبو حفص يمشى ذات يوم فاستقبله رستاقى مدهوش فقال له أبو حفص : ما أصابك ؟
فقال : ضل حمارى ولا أملك غيره
قال : فوقف أبو حفص وقال : وعزتك لا أخطو خطوة ما لم ترد عليه حماره
قال : فظهر حماره فى الوقت ومر أبو حفص رضى الله عنه
هذا وأمثاله يجرى لذوى الانس وليس لغيرهم أن يتشبه بهم والا وقع فى الكفر
ســـبـــحـــــان الله
اللهم ان لي احبة قد قصرت بحقهم و انشغلت عن وصلهم فعطر ايامهم بالايمان و تقبل منهم و منا صالح الاعمال ..امين يا رب العالمين و كل عيد و انتم من السعداء المغفور لهم
تحياتي